languageFrançais

وزادت كورونا من عُزلة قرية موبوءة ..

بكى بشير بحرقة،  وهو يتحدث لموزاييك عن مأساة قريته، مستحضرا ما لاحقه من مشاكل اجتماعية منذ عقود. 

هو واحد من حوالي ثلاثة آلاف شخص من سكان منطقة الرحيات التابعة لمعتمدية سبيطلة من ولاية القصرين التي صُنّفت كمنطقة معزولة، بعد أن ضربتها الطفرة المتحورة للكورونا، فأغرقتها في مشاكل أخرى إضافية.

القرية الصغيرة الواقعة على بعد  40 كم من مدينة القصرين، عاشت على وقع أسبوع صعب بعد عقود عديدة من الحرمان، فالسلط الجهوية قررت غلقها منذ أيام بعد تواتر عدد الإصابات بكورونا داخلها، فقد بلغ مجموع  الإصابات في الرحيات 75  إصابة وخمس وفيات إلى حدود اليوم الجمعة 5 مارس 2021. 

لكن قرار العزل بقي حبرا على ورق، لأن كل منافذ سبيطلة في اتجاه حاسي الفريد تؤدي إلى الرحيات، دون رقابة أو مراقبة تذكر.

وقال بشير (45 سنة، عاطل عن العمل، متحصل على شهادة تكوين مهني في الفلاحة منذ عقود)، "نحن لا نطالب إلاّ بالكرامة والماء الصالح للشراب.. نحن منسيون قبل العزل بعقود، فمن لا يملك عشرين دينارا مقابل الحصول على صهريج ماء يباع له من قبل صاحب الجرّار المتنقل، قد يموت عطشا. 

وأضاف بشير الذي كان يحمل عربة يدوية وضع فوقها قارورة غاز منزلي، "لقد كسّرت ابنتي حصّالتها(شقّاقة لجمع بعض الأموال) حتى أتمكن من شراء قارورة غاز منزلي للعائلة.. أتعرف معنى ذلك؟".

بينما أخذ بشير طريقه نحو منزله بين المسالك الفلاحية للقرية، يقول محمد، أحد متساكني المنطقة:"شكر الله سعي المسؤولين فهم لم يوفروا لنا إلا بعض الكمامات، لكننا نعاني من كمامات تخنقنا من نوع آخر، الطريق المهترئة والأعمال الهشة وغياب المرافق الحيوية وما نحن عليه بعد أن أصاب الفيروس منطقتنا، هذه مشاكلنا العميقة التي لم يصغ إليها أحدا قبل عزلنا بسبب الفيروس."

فيما فنّد عدد من تجار المواد الغذائية ما روجت له جهات رسمية حول توزيع المواد الغذائية على المنطقة، وشددوا في تصريحاتهم لموزاييك على أنهم في غياب العزل الحقيقي للمنطقة، هم من يتنقلون إلى سبيطلة للتزود بالمواد الأساسية اللازمة.

مستوصف مغلق في أغلب الأحيان، ومركز بريد أقفل أبوابه قبل الأزمة، ومدرسة ابتدائية أغلقت أقسامها في الأزمة، هي كل ما يمثل الدولة في منطقة الرحيات المعزولة قبل قرار العزل، وكأن قرار الغلق الجديد المتخذ بسبب طفرة لندن لفيروس الكورونا، لم يزد القرية المعزولة اجتماعيا واقتصاديا قبله وأثناءه وبعده، إلا بؤسا متواصلا وعزلة إضافية.

*برهان اليحياوي